طارق الشناوى يكتب عن مجدى مهنا
صفحة 1 من اصل 1
طارق الشناوى يكتب عن مجدى مهنا
خواطر ناقد
'مجدي مهنا'.. ضوء لا يغيب!!
طارق الشناوي
هناك من التقي معه مرة أو مرات أو لم يلتق به علي الإطلاق لكنهم أجمعوا علي حبه واحترامه وصفوه بالنبيل والفارس والوطني والمعارض الشريف.. وكلها صفات تنطبق عليه تماما ولكني كنت أراه شيئا آخر، وبعد رحيله تيقنت مما أراه..
كان علم مصر يحتوي النعش الذي يرقد بداخله جثمانه وصليت خلفه صلاة الجنازة وخرج النعش من مسجد عمر مكرم ولم أر غير الضوء.. كان 'مجدي مهنا' والذي عرفته علي مدي 30 عاما هو الضوء، ولهذا فأنا أوقن أن الضوء لا يغيب.. إنه تلك المساحة البيضاء الشفافة التي نولد بها وكلما مرت بنا السنوات تتقلص وتتقلص مع الزمن، ولكن مع مجدي كانت تكبر وتكبر.. حالة خاصة جدا من البشر منذ أن تزاملنا في كلية الإعلام ثم في بلاط صاحبة الجلالة من خلال مدرسة عريقة في دنيا الصحافة هي 'روزاليوسف' كان مجدي يراهن علي حريته يكتب وفي ذهنه القارئ فقط.. قد تغضب كلماته الكبار ولكنه لا يلقي بالا إلا للقارئ هو الوحيد الذي يضعه علي العين والرأس، لهذا تعددت أماكن النشر التي يكتب فيها لأنه كلما ضاقت مطبوعة بما يكتب انتقل لأخري.. وصل إلي موقع رئيس تحرير الوفد قبل ست سنوات ولم تمض سوي أشهر قلائل حتي وجد نفسه يهاجم علي صفحات الوفد لأنه انتقد موقف في الحزب في برنامجه 'في الممنوع' كان يري أنه كرئيس تحرير غير مقيد بأي محاذير تمنعه من أن يقول رأيه فهو يكتب ما يري أن من حقه انتقاده ولم يكن المنصب يعني له شيئا إذا كان المقابل هو أن يفقد حريته وفي الصفحة الأولي لجريدة الوفد قرأ الناس هجوما ضاريا ضد 'مجدي مهنا'.. ومنعته أخلاقه الإنسانية وأيضا معاييره الصحفية من أن يفتح النيران ويبادل الهجوم بهجوم مضاد، وكان لديه الكثير الذي يقوله لكنه كعادته تعفف وحتي بعدما ابتعد رئيس حزب الوفد السابق عن موقعه حرص علي ألا يرد فلقد كانت أخلاق الفرسان هي إحدي سماته ككاتب وصحفي.. فلا يهاجم من تركوا المنصب أو من أصبحوا في موقف الأضعف.. وانتقل إلي 'المصري اليوم' وكانت له تجربة لم تر النور برئاسة تحريرها وعلي مدي ثلاثة أو أربعة أشهر كان العمل يجري بكل قوة لكي تخرج الجريدة للنور وكنت مسئولا عن صفحة الفن في هذه التجربة، وأصدرنا عدد تجريبي لكن توقف المشروع ثم ظهرت بعد ذلك 'المصري اليوم' برئاسة تحرير 'أنور الهواري' ثم 'مجدي الجلاد' وهي بالطبع جريدة تستحق كل الاحترام والتقدير، ولكن كان لمجدي مهنا بصمة أخري كرئيس للتحرير في المرحلة التي سبقت إصدارها الحالي ولم يتوقف عن الكتابة في 'المصري اليوم' كان عموده في الأعداد التجريبية التي رأس تحريرها هو نفس عموده بعد أن ترك موقع رئيس التحرير واستمر في موقعه يكتب عموده اليومي 'في الممنوع' مثلما كان يكتبه وهو رئيس تحرير قبل أن تري التجربة النور.. كان 'مجدي' يعلم جيدا أن الكلمة المكتوبة هي التي تبقي وليس المنصب، ولهذا كتب العمود منذ أول إصدار للجريدة ولاتزال الجريدة تنشر مساحة بيضاء في نفس مساحة 'مجدي مهنا' حتي اليوم.. الإنسان 'مجدي مهنا' كان هو أيضا الكاتب 'مجدي مهنا' في عز محنته يتابع الأصدقاء والزملاء.. أتذكر آخر مكالمة سألني عن كتاب لي أصدرته في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وأرسلت له نسخة حرص أن يكتب عنه في عموده السياسي واختار بالفعل مقطعا سياسيا من الكتاب.. كان 'مجدي' يحمل بريق ونجومية في كتاباته وهذه المنحة الإلهية ليست لها علاقة بجمال الأسلوب، فليس كل من له أسلوب يمتلك البريق إنها تشبه النجومية في عالم التمثيل، كما أنه ليس كل ممثل موهوب يمتلك وهج وبريق النجومية إنهم قلة الذين منحهم الله هذا البريق فهو ينتمي إلي فصيلة نادرة في عالم الصحافة كان هو آخر عنقودها سبقه مثلا من النجوم الكبار 'مصطفي أمين'، 'أحمد بهاء الدين'، 'إحسان عبدالقدوس'، 'أنيس منصور'، 'سلامة أحمد سلامة'، و'صلاح منتصر'.. كاتب العمود الصحفي رغم أنه يبدو سهلا من الناحية النظرية إلا أن التجربة العملية أثبتت أنه من بين كل عشرة أعمدة منشورة هناك عمود واحد فقط مقروء، وكان 'مجدي مهنا' هو صاحب هذا العمود المقروء وآخر جيل الموهوبين.. نعم تتابعت الكتابات بعد رحيله وكان له جنازة رسمية وشعبية وسرادق عزاء فاض بالمئات من محبيه ولكن 'مجدي مهنا' قبل عامين عندما أعلن مرضه للناس وأجري تلك الجراحة الخطيرة لزرع فص من الكبد عرف مقدار حبه فلقد اكتشف إلي أي مدي كان أبناء المهنة يحيطونه بقلوبهم وأن قرائه ينتظرونه وعبر عن ذلك قائلا إنه منح قليل من الحب ووجد سيلا منهمرا من الحب لم يستطيع أن يواجهه سوي بالبكاء من فرط صدق المشاعر التي أحاطته.. لقد سعدت بأن جريدة 'المصري اليوم' سوف تطبع كتابات 'مجدي مهنا' في كتاب وأنها أيضا سوف تمنح جائزة باسمه
'مجدي مهنا'.. ضوء لا يغيب!!
طارق الشناوي
هناك من التقي معه مرة أو مرات أو لم يلتق به علي الإطلاق لكنهم أجمعوا علي حبه واحترامه وصفوه بالنبيل والفارس والوطني والمعارض الشريف.. وكلها صفات تنطبق عليه تماما ولكني كنت أراه شيئا آخر، وبعد رحيله تيقنت مما أراه..
كان علم مصر يحتوي النعش الذي يرقد بداخله جثمانه وصليت خلفه صلاة الجنازة وخرج النعش من مسجد عمر مكرم ولم أر غير الضوء.. كان 'مجدي مهنا' والذي عرفته علي مدي 30 عاما هو الضوء، ولهذا فأنا أوقن أن الضوء لا يغيب.. إنه تلك المساحة البيضاء الشفافة التي نولد بها وكلما مرت بنا السنوات تتقلص وتتقلص مع الزمن، ولكن مع مجدي كانت تكبر وتكبر.. حالة خاصة جدا من البشر منذ أن تزاملنا في كلية الإعلام ثم في بلاط صاحبة الجلالة من خلال مدرسة عريقة في دنيا الصحافة هي 'روزاليوسف' كان مجدي يراهن علي حريته يكتب وفي ذهنه القارئ فقط.. قد تغضب كلماته الكبار ولكنه لا يلقي بالا إلا للقارئ هو الوحيد الذي يضعه علي العين والرأس، لهذا تعددت أماكن النشر التي يكتب فيها لأنه كلما ضاقت مطبوعة بما يكتب انتقل لأخري.. وصل إلي موقع رئيس تحرير الوفد قبل ست سنوات ولم تمض سوي أشهر قلائل حتي وجد نفسه يهاجم علي صفحات الوفد لأنه انتقد موقف في الحزب في برنامجه 'في الممنوع' كان يري أنه كرئيس تحرير غير مقيد بأي محاذير تمنعه من أن يقول رأيه فهو يكتب ما يري أن من حقه انتقاده ولم يكن المنصب يعني له شيئا إذا كان المقابل هو أن يفقد حريته وفي الصفحة الأولي لجريدة الوفد قرأ الناس هجوما ضاريا ضد 'مجدي مهنا'.. ومنعته أخلاقه الإنسانية وأيضا معاييره الصحفية من أن يفتح النيران ويبادل الهجوم بهجوم مضاد، وكان لديه الكثير الذي يقوله لكنه كعادته تعفف وحتي بعدما ابتعد رئيس حزب الوفد السابق عن موقعه حرص علي ألا يرد فلقد كانت أخلاق الفرسان هي إحدي سماته ككاتب وصحفي.. فلا يهاجم من تركوا المنصب أو من أصبحوا في موقف الأضعف.. وانتقل إلي 'المصري اليوم' وكانت له تجربة لم تر النور برئاسة تحريرها وعلي مدي ثلاثة أو أربعة أشهر كان العمل يجري بكل قوة لكي تخرج الجريدة للنور وكنت مسئولا عن صفحة الفن في هذه التجربة، وأصدرنا عدد تجريبي لكن توقف المشروع ثم ظهرت بعد ذلك 'المصري اليوم' برئاسة تحرير 'أنور الهواري' ثم 'مجدي الجلاد' وهي بالطبع جريدة تستحق كل الاحترام والتقدير، ولكن كان لمجدي مهنا بصمة أخري كرئيس للتحرير في المرحلة التي سبقت إصدارها الحالي ولم يتوقف عن الكتابة في 'المصري اليوم' كان عموده في الأعداد التجريبية التي رأس تحريرها هو نفس عموده بعد أن ترك موقع رئيس التحرير واستمر في موقعه يكتب عموده اليومي 'في الممنوع' مثلما كان يكتبه وهو رئيس تحرير قبل أن تري التجربة النور.. كان 'مجدي' يعلم جيدا أن الكلمة المكتوبة هي التي تبقي وليس المنصب، ولهذا كتب العمود منذ أول إصدار للجريدة ولاتزال الجريدة تنشر مساحة بيضاء في نفس مساحة 'مجدي مهنا' حتي اليوم.. الإنسان 'مجدي مهنا' كان هو أيضا الكاتب 'مجدي مهنا' في عز محنته يتابع الأصدقاء والزملاء.. أتذكر آخر مكالمة سألني عن كتاب لي أصدرته في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وأرسلت له نسخة حرص أن يكتب عنه في عموده السياسي واختار بالفعل مقطعا سياسيا من الكتاب.. كان 'مجدي' يحمل بريق ونجومية في كتاباته وهذه المنحة الإلهية ليست لها علاقة بجمال الأسلوب، فليس كل من له أسلوب يمتلك البريق إنها تشبه النجومية في عالم التمثيل، كما أنه ليس كل ممثل موهوب يمتلك وهج وبريق النجومية إنهم قلة الذين منحهم الله هذا البريق فهو ينتمي إلي فصيلة نادرة في عالم الصحافة كان هو آخر عنقودها سبقه مثلا من النجوم الكبار 'مصطفي أمين'، 'أحمد بهاء الدين'، 'إحسان عبدالقدوس'، 'أنيس منصور'، 'سلامة أحمد سلامة'، و'صلاح منتصر'.. كاتب العمود الصحفي رغم أنه يبدو سهلا من الناحية النظرية إلا أن التجربة العملية أثبتت أنه من بين كل عشرة أعمدة منشورة هناك عمود واحد فقط مقروء، وكان 'مجدي مهنا' هو صاحب هذا العمود المقروء وآخر جيل الموهوبين.. نعم تتابعت الكتابات بعد رحيله وكان له جنازة رسمية وشعبية وسرادق عزاء فاض بالمئات من محبيه ولكن 'مجدي مهنا' قبل عامين عندما أعلن مرضه للناس وأجري تلك الجراحة الخطيرة لزرع فص من الكبد عرف مقدار حبه فلقد اكتشف إلي أي مدي كان أبناء المهنة يحيطونه بقلوبهم وأن قرائه ينتظرونه وعبر عن ذلك قائلا إنه منح قليل من الحب ووجد سيلا منهمرا من الحب لم يستطيع أن يواجهه سوي بالبكاء من فرط صدق المشاعر التي أحاطته.. لقد سعدت بأن جريدة 'المصري اليوم' سوف تطبع كتابات 'مجدي مهنا' في كتاب وأنها أيضا سوف تمنح جائزة باسمه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى